(دور المعلم في عصر الانترنت والتعليم عن بعد )

(دور المعلم في عصر الانترنت والتعليم عن بعد )

بقلم م / محمد عبدالهادى
إن شبكة الإنترنت هي نظام يعمل على تبادل الاتصال و المعلومات اعتمادا على الحاسوب ,حيث يحتوي نظام الشبكة العالمية على ملايين الصفحات المترابطة عالميا و التي يمكن من خلالها الحصول على الجديد من المعلومات المرتبطة بهذه المعلومات من خلال الصفحات المختارة .
حيث أن الاستخدام الواسع للتكنولوجيا و شبكة الإنترنت العالمية أدى إلى تطور مذهل وسريع في العملية التعليمية كما اثر في طريقة أداء المعلم و المتعلم حيث صنع طريقة جديدة للتعليم و هي طريقة التعليم عن بعد والذي يقوم على أساس فلسفة تؤكد حق الأفراد في الوصول إلى الفرص التعليمية المتاحة مما يجعله مفتوح لجميع الفئات غير متقيد بوقت أو فئة من المتعلمين أو مستوى آو نوع معين من التعليم ، فهو يتناسب و طبيعة حاجات المجتمع و أفراده وطموحاته وتطور مهنهم حيث أنه يعتمد على نقل المعرفة و المهارات التعليمية إلى المتعلم بوسائط تقنية متطورة و متنوعة تغني عن حضوره إلى داخل غرفة الصف.
ولكن هذه الطريقة الجديد في التعليم تتطلب من المعلم أن يلعب ادوار تختلف عن الدور التقليدي المحصور في كونه محددا للمادة الدراسية ، شارحا لمعلومات الكتاب المدرسي منتقيا للوسائل التعليمية ، وواضعا للاختبارات التقويمية ، حيث أصبح دوره يرتكز على تخطيط العملية التعليمية وتصميمها وإعدادها، بالإضافة إلى كونه أصبح مشرفا ومديرا وموجها ومرشدا ومقيما للعملية التعليمية بصورة كاملة.
فأصبح دور المعلم هنا هو مساعدة الطلاب ليكونوا معتمدين على أنفسهم ، نشطين ، مبتكرين ومتعلمين ذاتيين بدل أن يكونوا مستقبلي معلومات ، ومن خلال هذا الدور ساعدت الثورة التكنولوجية على تحقق النظريات الحديثة في التعليم المعتمدة والمتمركزة على المتعلم وتحقق أسلوب التعلم الذاتي له .
و نجد أن المعلم في عصر الإنترنت قد أصبح دورة مرتبط بأربع مجالات واسعة هي
1- تصميم التعليم ( Designing instruction Competencies ) .
2- توظيف التكنولوجيا ( Using technology Competencies ) .
3- تشجيع تفاعل الطلاب ( Encouraging students interaction Competencies )
4- تطوير التعلم الذاتي للطلاب ( Promoting students self regulation Competencies )
1- تصميم التعليم :
إن التطور السريع في وسائل الاتصالات وانتشار الحاسوب التعليمي في هذا العصر أضاف على عاتق المعلم متطلبات لابد أن يلم بها ومهارات لابد أن يتزود بها وهى مهارات المصمم التعليمي لكي يتسنى له تصميم المادة الدراسية التي يدرسها وتنظيمها وإعدادها سواء كانت هذه المادة معدة للطالب الذي يدرس في نظام التعليم التقليدي أو الطالب الذي يدرس في نظام التعليم الذي لا ينحصر بجدران ولا يتقيد بدوام وانتظام كنظام التعليم عن بعد .
حيث أن دور المعلم أصبح يعرّف بالمصمم التعليمي الذي هو عبارة عن القيام بكافة النشاطات التي يقوم بها الشخص المكلف بتصميم المادة الدراسية من مناهج أو برامج أو كتب مدرسية أو وحدات دراسية أو دروس تعليمية وتحليل الشروط الخارجية والداخلية المتعلقة بها ، بهدف وضع أهدافها وتحليل محتواها وتنظيمها واختيار الطرائق التعليمية المناسبة لها واقتراح الأدوات و المواد والأجهزة والوسائل التعليمية اللازمة لتعليمها واقتراح الوسائل الإدراكية المساعدة على تعلمها وتصميم الاختبارات التقويمية لمحتواها .
وبالتالي يقع على عاتقه مسؤولية كبيرة في الإلمام بكل ما هو حديث في مجال التربية ، وكيفية عرض التعليم بطريقة ممتعة ومناسبة لمستوى المتعلم مثيرة لدافعتيهم وإخراج المادة العلمية بأسلوب شيق وشكل متناسق و ألوان وأشكال متناسقة .
ولهذا الأمر بالطبع دورا سينعكس بشكل مباشر على إنجاز الطلاب الأكاديمي لأن المعلمين الذين يمارسون تصميم التعليم سيكون لديهم جودة عالية في طريقة التعليم وهذا يؤدي إلى جودة عالية في مستوى الطلاب وتحصيلهم .

2- توظيف التكنولوجيا :
تطورت تكنولوجيا التعليم عن خلال العقد الماضي بشكل سريع ما أدي إلي حدوث تغير هائل في عرض المعلومات من حيث ترميزها ونقلها و بشكل عام من حيث اتصالات المعلومات . و أصبح الدور الرئيسي لمعلمي التعليم عن بعد يتطلب استخدام تكنولوجيا المعدات والأجهزة بفاعلية وهناك على الأقل خمس تقنيات لنظام التعليم عن بعد يمكن للمعلم أن يستخدمها وهي :
1- المواد المطبوعة مثل : ( البرامج التعليمية، ودليل الدروس ،والمقررات الدراسية ) .
2- التكنولوجيا المعتمدة على الصوت ( تكنولوجيا السمعيات ) مثل : ( الأشرطة والبث الإذاعي ، التلفونات ) .
3- الرسوم الالكترونية . مثل ( اللوحة الالكترونية ، الفاكس ) .
4- تكنولوجيا الفيديو مثل ( التلفزيون التربوي ، التلفزيون العادي ، الفيديو المتفاعل ، وأشرطة الفيديو ، و أقراص الفيديو ) .
5- الحاسوب و شبكاته، مثل ( الحاسوب التعليمي ، مناقشات البريد الالكتروني ، شبكة الانترنت ، ومناقشات الفيديو الرقمي ) .

3- تشجيع دافعية الطلاب :
مجال أخر يجب على المعلم عن بعد أن يؤديه وهو كيفية تشجيع تفاعل الطلاب واكتسابهم المعرفة في العملية التعليمية ، جودي ولوغان( Judi and Logan ) (1996) تحدثا عن أربعة أنواع من التفاعل الذي اخذ مكانه في التعليم عن بعد . وهو( تفاعل المتعلم والمحتوى ، وتفاعل المتعلم مع المشرف ، وتفاعل المتعلم مع المتعلم ، وتفاعل المتعلم مع نفسه) .

أ- تفاعل المتعلم مع المحتوى : ( Learner – content interaction ) :
هو تفاعل المتعلم مع المعلومات المقدمة مما يقود الطالب إلى اكتساب المعرفة . وهذا التفاعل يعتمد على الخبرات التعليمية السابقة للمتعلمين وعلى مقدرة المتعلم على التفاعل مع المحتوى المقدم له . إن عوامل مقدرة الطلاب على التفاعل مع المحتوى تتضمن أسلوب التعلم الجيد للمتعلمين أو تحديد الطلاب للمعلومات المقدمة التي لها صلة بالموضوع . فإحدى صفوف التعليم عن بعد تسمح للطلاب استقبال وتلقي المعلومات في أسلوبهم المختار ، قد تنتقل المعلومات إما عن طريق الصوت أو أشرطة الفيديو ، أو الأقراص المدمجة ، أو الانترنت ، أو الشبكة العالمية … وغيره .
ب- تفاعل المتعلم مع المشرف :
هو تفاعل عمودي يعتمد على استعداد المتعلم والمشرف على الاتصال . المصاعب لهذا النوع من التفاعل غالبا ما يرتبط بحقيقة أن المسافة تضعنا في ادوار جديدة غير مألوفة ، تجعلنا غير مرتاحين في المراسلة لأخذ المعلومات . ولتغلب على ذلك لابد من القيام من التشجيع الايجابي من خلال نشاطات بناء الثقة في الدروس القليلة الأولى العصيبة من الفصل .فالمعلم يشخص ويعدل الخبرات عن طريق إتاحة الفرصة للطلاب للتحدث عن أنفسهم وتخصيص وقت للمحادثات غير الرسمية ، ومنها ينشأ الشعور بالانتماء .
ج- تفاعل المتعلم مع المتعلم :
هو تفاعل أفقي بين المتعلمين . وذلك عندما يتفاعل طلاب مع طلاب آخرين هذا يزيد من اندماجهم ويحسن من دافعيتهم للتعلم .ومن المشاكل التي تواجه هذا التفاعل احتمال نقص الإحساس بالجماعة ، أو تنوع الطلاب المشتركين في الفصل الواحد من أنحاء العالم ، ويسهل البريد الالكتروني والشبكة العالمية التعاون خلال الصفحة أو الموضوع حيث ، يستطيع الطالب الاتصال بزميل الدراسة عن طريق هذه الأدوات ، بالقليل من التدخل أو عدمه من قبل المعلمين ، الطلاب في التعليم الأساسي لصفوف الانترنت تتضمن التحدث ، إلقاء محاضرة . أو زيارة صفحة انترنت لزميل تحتوي على صورة له المحادثات غير الرسمية والمشاركة بالخبرات مهمة في ربط الطلاب ذو الخلفيات المختلفة .
د- تفاعل المتعلم مع نفسه:
تشير إلى القدرة على جعل التكنولوجيا سهلة للطالب . لان عدم ارتياح كل من الطالب والمعلم لاستخدام التكنولوجيا سيؤدي ذلك إلى جعل التكنولوجيا إحدى معيقات عملية التعلم ، ومن المعيقات الأخرى لعملية التعلم تكمن في الخلط بين التكنولوجيا ، وعملية التعلم والتعليم عن بعد و أماكن التأكيد غير المهمة في التكنولوجيا عن طريق المعلم . و هنا يكمن دور المعلم في عرض العديد من المحاضرات الحية من خلال أشرطة الفيديو ، وبرامج الوسائط المتعددة ، المحاضرة المطبوعة .
4- تطوير التعليم الذاتي :
أخر نقطة في دور المعلم عن بعد هي تطوير التعلم الذاتي للطالب. عرف شاين( Shin (1988) مفهوم التعلم الذاتي بأنه قدرة الطلاب على المشاركة بنشاط في تعليمهم . مثل هذه القدرة تتضمن : استراتيجيات المعرفة ، الكفاءة ذاتية ، الملكية ، التعلم الاتقاني ، التعبير عن الذات . عرف جاريسون(Carrison (1997) على الجانب الأخر مفهوم التعلم الذاتي بأنه قدرة المتعلم على الممارسة ، الاستقلال بشكل كبير في تقرير ما هو نافع للتعلم وكيف يقترب من مهمة التعلم . انه محاولة لحفز الطلبة لغرض الاستجابة الشخصية وإشراك المراقبة الذاتية والإدارة الذاتية لعملية بناء ، وتحقيق معنى ، ومخرجات التعلم الجيد .
**وهنا نتناول الفرق بين طريقتي التدريس التقليدية و التدريس بطريقة التعليم الإلكتروني

التدريس التقليدية
التعليم الإلكتروني
استدعاء المعلومة.
حل المشكلات.
التذكر الآلي للمعلومة.
التحليل.
تطبيق عملية التصحيح آليا دون الإفادة من التغذية الراجعة.
التقييم.
التعلم دون مراعاة للفروق الفردية.
الإبداع.

التواصل الداخلي. حيث يكون الحافز قوياً.

مراعاة الفروق الفردية (Self Paced Learning)


وعلي هذا يمكننا القول ومن خلال استعرض دور المعلم في أطواره المختلفة إن دور المعلم في عصر الانترنت والتعليم عن بعد يختلف إلى حد ما عن دوره في التعليم بالصورة التقليدية حيث تحول من دور الملقن للمعلومات الشارح لها إلى دور المخطط للعملية التعليمية والمصمم لها انطلاقا من أن المعلومات والمعرفة والنشاطات التي على الطالب أن يلم بها كثيرة ومتنوعة ، والفترة الزمنية المخصصة لتعلمها في الوقت ذاته قليلة .
وعلي هذا نجد أن أدوار المعلم في مدرسة المستقبل تغيرت من ملقن إلي :
أ- مرسل ، بمعني أنه يقوم بتعليم تلاميذه المعارف والمفاهيم المتصلة بالمواد التعليمية .
ب – مدرب ، بمعني أن يدرب تلاميذه على استخدام التقنيات الحديثة في تعلمهم ، وتهيئة بيئة تعليمية جيدة لهم ، وأن يقدم لهم التوجيهات والإرشادات عندما يطلب منه .
ج – نموذج ، بمعني أن يكون مخطط جيد لاستخدام التقنيات الحديثة بنفسه حتى يقلده ويحاكيه تلاميذه في عمل الأشياء والمواد التي يقوم بتنفيذها لتلاميذه والتي تساعدهم وتمكنهم من المادة الدراسية ، و قادراً على تعزيز تعلم تلاميذه .
د – متخذ قرار ،أن يكون المعلم قادراً علي اتخاذ القرار ، ولديه القدرة على الاتصال بالآخرين بهدف تسهيل عملية التعلم .

ومن خلال ما سبق يمكن القول بأننا في مدرسة المستقبل نحتاج إلى :
1- معلماً خبيراً في طرق البحث عن المعلومة ، وليس الخبير في المعلومة نفسها ، فقد تحول المعلم من خبير يعلم كل شئ إلى ما يشبه المرشد السياحي في عالم يعج بالمعلومات ، ويحتاج الطلاب إلى من يرشدهم.
2- معلماً يستطيع إنجاز مهامه الاجتماعية والتربوية ، ويسهم في تطوير جانب الكيف وينظم العمليات التربوية باتجاهاتها الحديثة ، ويحسن استثمار التقنيات التربوية ويستخدم مستحدثاتها في تمكن ومهارة كالتعليم المبرمج ، والتعليم المصغر ، والتعليم الذاتي .
3- معلماً يتفهم بعمق مهامه تجاه مجتمعه وأمته عن طريق المواقف التعليمية وما ينشأ عن علاقات متبادلة بين المعلم والمتعلم وهى علاقات يجب أن تتميز بالحوار والتفاعل وتبادل الخبرة بحيث تتعدى نقل المعرفة من طرف إلى آخر لتؤدى إلى تنمية القدرات وممارسة قوى التعبير والتفكير وإطلاق قوى الإبداع، وتهذيب الأخلاق وتطوير الشخصية بجملتها .
4- معلماً يملك روح المبادرة والنزعة إلى التجريب والتجديد ، يثق بنفسه في تنظيم النشاط التربوي بحرية واختيار ، ويمتلك من المهارات والقدرات والمعلومات ما يجعل منه باحثاً تربوياً يسهم في حل المشكلات التربوية عن دراية ووعى .
5- معلماً ممارساً مفكراً متأملاً يقوم على نحو مستمر تأثير اختياراته وأفعاله على الآخرين والتلاميذ، ويعمل على نحو نشط ويبحث عن الفرص لنموه مهنياً .
6- معلماً يمتلك استراتيجيات التقييم النظامية وغير النظامية ، ويستخدمها لتقويم نمو المتعلم العقلي والاجتماعي والجسمي ليضمن استمراره .

**وعلي هذا فالمعلم الكترونيا Virtual Teacher: وهو المعلم الذي يتفاعل مع المتعلم إلكترونيا، ويتولى أعباء الإشراف التعليمي على حسن سير التعلم، وقد يكون هذا المعلم داخل مؤسسة تعليمية أو في منزله، وغالبا لا يرتبط هذا المعلم بوقت محدد للعمل وإنما يكون تعامله مع المؤسسة التعليمية بعدد المقررات التي يشرف عليها ويكون مسئولا عنها وعدد الطلاب المسجلين لديه.

المراجع
(1) السيد محمد أبو هاشم حسن:" أدوار المعلم بين الواقع والمأمول في مدرسة : المستقبل - رؤية تربوية " قسم علم النفس . http://informatics.gov.sa/ebook/book/AbuHashemPaper.rtf .
(2)إبراهيم بن عبد الله المحيسن (2002) : " التعليم الالكتروني... ترف أم ضرورة...؟! " ورقة عمل مقدمة لندوة مدرسة المستقبل ,كلية التربية , جامعة الملك سعود ــ الفترة من 22- 23 أكتوبر متوفرة على موقع http://www.dr-mutawa.com/e-learning-arabic.htm) ,http://www.alyaseer.gov.sa/forum/topic.asp
(3) دروزة، افنان نظير (1995):"أساسيات في علم النفس :استراتيجيات الإدراك ومنشطاتها كأساس لتصميم التعليم"،ط1،نابلس.
(4).دروزة، افنان نظير.(1999ب) :"دور المعلم في عصر الانترنت والتعليم عن بعد" ،ورقة عرضت في مؤتمر التعليم عن بعد ودور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات،جامعة القدس المفتوحة،عمان،الأردن .
(5) دروزة،افنان نظير(2000) : "النظرية في التدريس وترجمتها عمليا" . ط3،عمان ،الأردن ، دار الشروق للنشروالتوزيع فرع جامعة النجاح .
(6) دروزة،افنان نظير(2001):"إجراءات في تصميم المناهج", ط3،نابلس،فلسطين، مركز التوثيق والمخطوطات والنشر(29)مستوى عالي لإنجاز الطلبة كفاء؛ ص4-5.
(7) دروزة،افنان نظير( 1995):"أساسيات في علم النفس :استراتيجيات الإدراك ومنشطاتها كأساس لتصميم التعليم"، ط1،نابلس.


لا تعليقات على : "(دور المعلم في عصر الانترنت والتعليم عن بعد )"

إرسال تعليق