إعداد الدرس


إعداد الدرس
إن لإعداد الدروس أهمية كبيرة , وأثراً عظيما في نجاح المدرس في مهنة التعليم , فإذا ما سيطر المعلم على مادته بعد بضع سنوات من الخبرة والتجربة انتظرنا منه زيادة في الاطلاع , واستمراراً في البحث ؛ حتى يصير في يوم ما عالماً بمادته حق العلم , ماهراً في تدريسه , مرتب الفكر , منظم العمل , يرجع إليه في حل المشكلات .
وللاطلاع اليومي أثر كبير في نجاح المدرس في مهنته . وتتطلب مهنة التدريس دوام القراءة والبحث والاطلاع . وإن المعلم الذي ينقطع عن البحث العلمي – الثقافي أو المهني – قد رضي لنفسه ركوداً ذهنياً , وليس هناك وسيلة أخرى للوصول إلي المدرس الكفء القدير , المتين المادة , العزيز العلم ,سوى القراءة اليومية , والاطلاع المستمر . فالمدرس ينبغي أن يكون طالب علم دائماً . وفي الوقت الذي ينقطع فيه عن طلب العلم يفقد سر قوته وعظمته . ولا نبالغ إذا قلنا : إن السر في عظمة المدرس هو أن يطلب العلم مدى الحياة , وأن يبحث عن العلم مادام حياً , وأن يكثر البحث والاطلاع ؛ ومن أجل ذلك قيل : المدرس طالب من المهد إلي اللحد . وإننا ننتظر من المدرس المبتدئ في أول حياته التعليمية أن يعد دروسه اليومية تمام الإعداد , ويخصص جزءاً من أوقات فراغه بالقراءة الخارجية والبحث الحر . وقد سئل مرة أحد المربين : لماذا تعد دروسك كل يوم قبل أن تقوم بتعليمها ؟ فأجاب :" إني أود ألا يشرب تلاميذي إلا من منبع جديد , وماء عذب , لا من ماء راكد ". وهو يريد بذلك أن تكون مادته جديدة ؛ كي يكون في دروسه حياة ونشاط , وان تكون دروسه متصلة بالحياة كل الاتصال , خالية من الخطأ , بعيدة عن الجمود .
وليس الغرض حشو الذاكرة بالمعلومات , ولكن الغرض اختيار تلك المعلومات ؛ كي يكون لها أثر في نفوسنا . والحق أن الإنسان ينسى أكثر من تسعه أعشار ما يتعلمه في المدرسة , ولا يستثنى المدرسون من القاعدة ؛ فهم كذلك ينسون أكثر من تسعة أعشار ما يعرفون ؛ ولهذا النسيان لا يستطيعون أن يعتمدوا كل الاعتماد على ما درسوه من المواد في المعاهد والكليات ؛ بل يجب أن يعيدوا ما درسوه , ويحيوا ما في ذاكرتهم , بدوام القراءة والبحث والاطلاع , وإعادة النظر فيما درس , ومراجعة التعريفات , والاستزادة من المعلومات وربط الأفكار بعضها ببعض ؛ فحياة العلم مذاكرته , كما يقول السلف .
لا يكفي أن يذهب المدرس إلى تلاميذه حافظا ما في كتابه عن ظهر قلب , فيكرر المادة أمامهم كالببغاء , ثم يكلفهم الرجوع إلي الكتاب ؛ فإن هذا ليس من الإخلاص في العمل , وليس من الأمانة في شئ .
إنه لا علم إلا بعد تعليم . وإذا كان الطالب مسئولا عن نفسه فقط , فالمدرس مسئول عن تلاميذه والنهوض بهم . ولا يمكنه أن يفهمهم مادة من المواد إلا إذا عرفها حق المعرفة , وفهمها كل الفهم . وقد قيل : فاقد الشيء لا يعطيه ؛ فلا عجب إذا سمعنا بعض المبتدئين من المدرسين يقولون : إنهم لم يفهموا مادة كذا إلا بعد أن قاموا بتدريسها وتعليمها ؛ فالمدرس المبتدئ يستفيد من الناحية العلمية أكثر مما كان ستفيده من العلم وهو طالب ؛ فمهنة التعليم تضطره إلي الاطلاع والدراسة والفهم ؛ فهي مرتبطة بالتعليم وكسب المعرفة الارتباط كله . وإن المجهود الذي يبذله المدرس في توضيح نقط الدرس للتلاميذ يساعده في جعل الدرس واضحا تمام الوضوح في نفسه . فالعلم يزداد بالبحث والجدل , والحوار , واحتكاك الأفكار . أما العلم الذي لا يسمعه أحد , و لا ينتفع به أحد , فمآله النقص والنسيان . يقول أحد المربين : إنه قد تعلم من أستاذة كثيرا , وتعلم من زملائه أكثر مما تعلمه من أستاذه , ولكنه تعلم من تلاميذه أكثر من الجميع . ولا غرابه ؛ فالطالب الذكي قد يصل إلى حل لم يصل إليه أستاذة , والطلبة المجدون في عملهم يبعثون في المدرس رغبه في العمل فيستفيد ويفيد .
وإن إعداد المدرس لدرسه غير إعداد الطالب له : فالطالب قد يكتفي بدراسة المادة دراسة سطحية ,وأما المدرس فلا يكتفي بهذا النوع من الدراسة ؛ بل يتعمق في الفهم , ويعرف كل ما يتعلق بمادته معرفة تامة ؛ كي يكون على علم بأضعاف ما ينتظر أن يذكره لطلبته
وعلى إعداد المدرس لدروسه يتوقف نجاح تلاميذه أو إخفاقهم ؛ فهو مسئول عن قوتهم أو ضعفهم , وعن تقدمهم أو تأخرهم , وعن نتائجهم إذا نجحوا أو لم ينجحوا . وقد يمشي المدرس المخلص أميالا ليستشير آخر في حل تمرين ؛ أو مسألة ؛ كي لا يظهر ضعفا أمام تلاميذه . فنشاط المدرس وغيرته على عمله , وحرصه على إفادة تلاميذه تكمل ما به من نقص – إن كان هناك نقص – من الناحية العلمية . وفي استطاعة المدرس الضعيف المادة أن يكون عالم غزير المادة إذا وجدت لديه الرغبة في العلم والبحث والنهوض بتلاميذه ؛ لأن هذه الرغبة تحمله على الاطلاع ؛ كي يعالج ما به من ضعف علمي .
وفي إعداد الدرس يجب أن يعرف المدرس معاني الكلمات الصعبة فيه , ويفهم معنى كل عبارة وفقرة كل الفهم , ويكون قادراً على توضيح الأفكار الغامضة , والتعبير عن كل فكرة بعبارة صحيحة سهله , وزيادة ما يعن له من الآراء , وحذف ما يراه جديراً بالحذف منها .
والمبادئ التي يجب أن تراعي في إعداد الدروس هي :
- ألا ينظر المدرس إلي درسه كما ينظر إلي موضوع منعزل مستقل عن غيره , بل يعده موضوعا مرتبطا بغيره من الموضوعات , مرتبطا بما قبله وما بعده من المادة نفسها ؛ كي يفهم التلاميذ العلاقة بين درسه والموضوعات التي سبقته , أو التي تليه ؛ لينتفعوا بقوانين الربط , ربط الموضوعات بعضها ببعض ؛ فيسهل عليهم تذكرها : ففي درس ( كان وأخواتها ) يجب أن يعرف المدرس العلاقة بينها بين المبتدأ والخبر , والفرق بينها وبين (إن وأخواتها ) , و (ظن وأخواتها ) . وفي درس ( نائب الفاعل ) يجب أن يعرف العلاقة بينه وبين الفاعل , ثم الرابطة بينه وبين المفعول به .
- يكون للمدرس خطة واضحة في درسه , وغرض معين يعمل للوصول إليه , ونقط جوهرية يجب أن تعرف وتفهم ويبنى عليها في المستقبل .
وقد أغنت الكتب المقررة المدرس عن البحث عن تلك النقط في كل درس من الدروس , وفي كل سنه من السنوات الدراسية ؛ فعليه أن يطلع على هذه المادة .ويرتبها في ذهنه نقطة , ويعمل لتفهمها لتلاميذه بالطريقة التي يختارها ؛ بأن يكون لكل درس خطة من الخطط ؛ فيعرف كيف يبدأ الدرس , وكيف يناقش التلاميذ , وكيف يشرح العبارات الغامضة ,والكلمات الصعبة , وكيف يوضح ما في العبارة أو الأسلوب من جمال ,وكيف يفهم التلاميذ الغرض الذي يرمي إليه الشاعر من قطعة المحفوظات , أو الذي يقصده الكاتب من قطعة المطالعة , والنقط الجوهرية في درس القواعد , وكيف ينتفع بهذا الدرس فيما يقرؤه , وما يكتبه , وما يقوله ؛ حتى نصل بالدراسة إلي الغرض الذي نقصده منها , ولا تكون آلية .

ولتنفيذ هذه الخطة يجب أن يدون المدرس بإيجاز في كراسة إعداد الدروس الوسائل التي يتخذها في درسه ؛ من تمهيد , وقراءة للموضوع , أو كتابة للأمثلة على السبورة . ومناقشة , وموازنة , واستنباط لقاعدة أو حكم أو مبدأ , فيذكر الخطوات التي يتبعها في درسه من بدايته إلي نهايته , بطريقة ( هر بارت االألماني ) , أو بطريقة طبيعية لا تكلف فيها ولا تصنع , يذكر فيها كل ما يقوم به من عمل ؛ بحيث يكون على وعي تام بالمفردات الصعبة التي يناقش التلاميذ في تهجيتها أو معناها , وبالنقط التي يعطيها في الدرس , والأسئلة التي يسألها , والتمرينات التي ينتظر قيام التلاميذ بحلها , والمعنى المقصود من الآية الكريمة , أو الحديث الشريف , والعظة التي نتعظ بها من درس التاريخ .

فقراءة المدرس للقطعة في الكتاب لا يكفي لإعداد الدرس ؛ بل يجب أن تصحب بمعرفة الألفاظ الغامضة , والنقط الجوهرية وتحديدها , وكتابة خطة بها – كما بينا – تذكر فيها الطريقة التي يتبعها المدرس في تعليمه . وقد يضطر المدرس إلى تغيير تلك الخطة حينما يرى التلاميذ وجها ً لوجه , ويبدأ درسه بطريقة عملية . وقد يكون من الواجب تغييرها ؛ لتكون ملائمة للتلاميذ . وإننا لا نتطلب منه أن يكون عبداً لكتاب معين , أو طريقة معينة , أو خطة ثابتة . ولا ننتظر منه أن يعلم تلاميذه كل ما يعلم , ولكننا ننتظر منه أن يعطيهم ما يستطيعون فهمه من المادة . وبكثرة التجربة والمران قد يدرك غلطات نفسه ؛ فيتداركها في الدروس التالية . وفي استطاعته أن ينقد نفسه بعد كل درس ؛ لينتفع بذلك النقد في المستقبل , إذا قام بتدريس هذه المادة مرة أخرى لتلك الفرقة , ولا يكفي لإعداد درس من الدروس في المدارس الابتدائية , أو الإعدادية , أو الثانوية أن يكتب التاريخ , ثم يكتب درس كذا , صفحة كذا , من كتاب كذا .
- يتذكر المدرس دائما تلاميذه وسنهم , ومستواهم , ومقدرتهم العقلية والعلمية , وما يلائمهم وما لا يلائمهم , ويختار لهم من المادة ما يناسب الذكي , والمتوسط , والغبي منهم , ويجب أن يعرف كيف يوضح هذه النقطة لذلك التلميذ , وكيف يفهم هذه العبارة لهذا الطالب , والنقط التي يجب أن يلم بها الأذكياء , والوسائل التي تتخذ لتفهيم الضعفاء . وكيف ينتفع بمعلومات التلميذ العبقري في تشويق غيرة من زملائه .هذه أمور يجب أنم يتذكرها المدرس دائما حينما يعد درسه .
- يكون المدرس على علم تام بالوسائل التي يتخذها لتوضيح درسه ؛ من القيام بتجربة , أو عرض نموذج معين , أو صورة جميلة , أو مصور جغرافي أو تاريخي واضح . ويجب أن يعرف كيف يستعمل هذه الوسائل للإيضاح , وأين يستعملها , وأين يضعها , ومتى يستعملها ويظهرها للتلاميذ ؛ كي يستفيدوا منها في معرفة الأمور الصعبة , وفهم النقط الغامضة . وإن حسن استعمال المدرس لوسائل الإيضاح , وإظهارها عند الحاجة إليها , والانتفاع بها كما ينبغي , مما يدل على عناية المدرس بإعداد درسه , وتنظيم خطته .
- ينتفع المدرس بمعلومات التلاميذ السابقة ؛ كي يربط المادة الجديدة بالقديمة , وتذكر هذه بتلك . ولا يكفي أن يعرف ما درسوه لينتفع به , بل يجب أنم يعرف ما سيدرسونه في المستقبل ؛ ليلاحظه في أثناء تدريسه ؛ فإن معرفة درس من الدروس قد تساعد على فهم آخر .وقد يتوقف على معرفة ( الفاعل ) و (المفعول به) .
- يحسن المدرس اختيار مادته ؛ فحسن الاختيار يدل على حسن الذوق , وأن يرتبها ترتيبا منطقيا ؛ كي يسهل على التلاميذ فهمها وتذكرها .
- يجب أن يبحث المدرس عن أوجه الشبة وأوجه الخلاف بين الدروس بعضها وبعض ؛ فبمعرفة هذه الأوجه والموازنة بينها وبين ما يماثلها أو يضادها تتضح نقط الدرس.
- يتمكن المدرس من مادته ؛ حتى تكون واضحة في نفسه , ويستطيع توضيحها لغيره , والتعبير عنها بلغة واضحة وعبارة سهلة ؛ فإن وضوح الفكرة يساعد في وضوح العبارة . فإذا كانت الأفكار واضحة في نفسه , وكان متمكناً منها , سهل عليه أن يعبر عنها لتلاميذه .
- يجب تحديد الدرس وتعيينه ؛ بحيث يكون ملائما للزمن , لا يستغرق أكثر من الوقت المحدد , ولا يتطلب أقل منه .
- ينتفع المدرس بمكتبة المدرسة , ويعرف ما بها من كتب تتصل بمادته ؛ حتى يستطيع أن يرشد التلاميذ إلى المراجع التي يرجعون إليها بعد دروسهم .وليس في استطاعة المدرس ذلك إلا إذا انتفع بخزانه الكتب في المدرسة حقا , وأعد دروسه كما ينبغي . ومن السهل تشجيع الطلبة على الاستفادة مما في المكتبة من كتب , والاستعارة منها , وتفهمهم الأبواب التي يقرءونها , والكتب التي يطلعون عليها .
- تكون الدروس متصلة بالحياة كل الاتصال ملائمة للبيئة كل الملائمة
فعند افتتاح مجلس الأمة يستطيع أن يجعل درسه في المطالعة , أو الإملاء , أو التربية الوطنية , عن الحياة النيابية , وفي أوقات الغارات الجوية يمكنه أن يجعله عن طريق الوقاية منها . وفي الأعياد القومية تذكر كلمة عن كل عيد . وفي الحوادث التاريخية القومية يجب أن تكون الدروس مرتبطة بها كل الارتباط . وفي دروس الحساب يجب أن تذكر أثمان الأشياء في المسائل الحسابية بحيث تناسب الأسعار في أوقات الرخص أو الغلاء .وفي الجغرافية يجب أن تراعي التغييرات السياسية في كل أمة , والحدود الجديدة لكل دولة . وفي دروس مبادئ العلوم يجب أن تلاحظ فصول العام , والظواهر الطبيعية , والنبات الملائم لكل فصل.
-يفكر المدرس في الطريقة التي يريد أن يتبعها في درسه . بحيث يكون على علم تام بما يشاء أن يفعله , أو يناقش فيه , أو يستنبطه في كل خطوة من خطوات درسه .
ولعل إعداد الدرس يفيد المعلم , ويتضح ذلك كما يلي :
المدرس المتمكن من مادته , المعد لدرسه بعناية ودقة , لا يجد صعوبة في حفظ النظام في فصلة . و في استطاعته أن يرشد تلاميذه إلى غلطاتهم , ويوعز إليهم ببعض النصائح التي تشوقهم غلي التعلم . وكثيراً ما ينشأ سوء النظام , والعبث بالأدوات و بالدروس , والكسل بين التلاميذ , إذا وجدوا من المدرس ضعفاً في مادته , أو إهمالاً في إعداد درسه . أما المدرس المعد لدروسه , الغزير المادة , الواسع الاطلاع , القوى الشخصية ففي استطاعته أن يسيطر عليهم بقوته العلمية والشخصية , وتكفيه نظرة أو إشارة لوقف هؤلاء العبثيين عن عبثهم , والكسالى عن تقصيرهم .
-المدرس الذي يعنى بأعداد دروسه , ويفكر في مادته , وفي الطريقة التي بها يصل إلى عقول تلاميذه – يمكنه أن يكون ماهراً في أسئلة وتدريسه , ويستطيع أن يحكم حكماً صحيحاً على مقدار ما فهمة تلاميذه , فهو يعرف حق المعرفة النقط التي فهمت , و التي لم تفهم , ومن فهم و من لم يفهم من التلاميذ , والصعوبات التي تعترض كلاً منهم , ويقف بينهم موقف المرشد الحازم ,يهدئ التسرع منهم , ويشجع المتردد , ويثني على من يستحق الثناء , ويوقظ الغافل , ويساعد الضعيف , ويحث الكسلان على العمل , فتجد في دروسه حياة ونشاطاً وتشويقاً , ومادته في تجدد مستمر .
يحافظ على أوقات تلاميذه , ويعمل لإفادتهم , وترغيبهم في العمل , فينتبهون إلية كل الانتباه , و لا يضيعون له وقتاً . ومثل ذلك المدرس لا يقف موقف المعتذر , و لا يحتاج إلى اعتذار , فهو معد لدروسه دائماً , مؤد لواجبة خير أداء , و قد يمر العام و لا يحتاج إلى معقبة أحد , لأنه لا يعرف التقصير , والتقصير لا يعرفه , وتلاميذه مولعون به , معجبون بإخلاصه , فهو مثلهم العالي في الإخلاص في العمل , لا يضيع وقتاً في محاولة تجربة خاطئة غير منتجة , أو استعارة جهاز من الأجهزة , أو آلة من الآلات , أو مصور من المصدورات الجغرافية أو العلمية من الفصول الأخرى في أثناء الدرس , فقد اعد كل شئ يتطلبه الدرس من قبل .
والمدرس الذي يعد دروسه اليومية بعناية ودقة وأمانة لا يقف موقفاً مخجلاً أمام طلبته , فلا يظهر بينهم بمظهر العاجز , و لا يدعى انه يعرف ما لم يعرف .
إن إعداد الدروس من الأمور الجوهرية لنجاح المدرس في مهنته وتجديد معلوماته , وترتيب مادته ترتيباً منطقياً , وبغيرة لا يمكنه أن ينجح في عملة , فالنظام لدية مفقود , ووقت تلاميذه ضائع , لن الفوضى دائمة , ولا شكوى مستمرة . وربما لا يستطيع المدرس المهمل أن يضبط شعوره , فيسب هذا ويلعن ذاك , ويشعر بكثير من القلق , فيضر صحته , ويشعر بالخيبة والإخفاق .
ويجب أن يعد المدرس كل درس من دروسه إعداد تاماً , كي يتمكن من مادته , ومن الأسئلة التي يسألها , ويجتذب قلوب تلاميذه , كما يجب أن يبحث عن وسائل الإيضاح الممكنة – الملائمة لسن التلاميذ , وقواهم العقلية – من ذوات الأشياء , أو صورها أو رسومها . وعلية أن يدون بكل عناية ودقة خطة لكل درس من دروسه , بحيث تشمل الأسئلة , وطرق النقاش , والشرح ولا توضيح , والوسيلة التي يتخذها لتفهيم تلاميذه . وربما يكون هذا النوع من الإعداد شاقاً مجهدا ًللمدرس , ولكنة سيجد منه ثمرة كبيرة في البحث والنشاط والعمل والانتفاع بالوقت . فالمدرس الذي يعد دروسه على هذا النحو من الإتقان والإخلاص يكتسب قوة وعظمة , ويجد لعلمه نتيجة وثمرة , ويمتلك قلوب تلاميذه , وينال حبهم وإعجابهم , فيبادلونه حباً بحب , وإخلاصاً بإخلاص .
ويعاني الطلبة كثيراً من الصعوبات في كتابة مذكراتهم لإعداد الدروس . وللتغلب على هذه الصعوبات يستطيع الطالب أن يدون مذكراته بطريقة طبيعية لا تكلف فيها و لا تصنع , يوضح فيها كل ما يقوم به في الدرس من عمل , أو أسئلة , أو مناقشة , أو استنباط . وليس هناك ما يمنع مراعاة خطوات ( هربارت الألماني) , بتقسيم الدرس إلى مراتب إعداد الدروس , وهي :
- المقدمة : ويذكر فيها الطالب ما يتخذه تمهيداً لدرسه .
- العرض : وهي المرتبة التي تعرض فيها المادة على التلاميذ , كأن تقرأ القطعة أو تذكر القصة , أو تكتب الأمثلة على السبورة , أو تجري التجربة .
- الربط : وهي المرتبة التي تربط فيها أجزاء الدرس بعضها ببعض , أو تربط القاعدة الجديدة بالقديمة , بالموازنة بين هذه وتلك .
- الاستنبـاط : ويذكر في تلك المرحلة ما يستنبط من التلاميذ – بعد الأسئلة والمناقشة والموازنة – من تعريفات , وحقائق , وقواعد , وقوانين عامة .
التطبيق أو الإعادة أو المراجعة , بأن يسأل التلاميذ شفوياً في الدرس , أو تدون التمرينات أو المسائل التي يراد قيام التلاميذ شفوياً في الدرس , أو مراجعته , حتى تثبت القاعدة الجديدة في أذهانهم .
وفي أعلى المذكرة الفرقة التي يقوم الطالب بالتدريس فيها , والفصل , والمادة , وموضوع الدرس , والغرض العام منة والخاص , والزمن , والتاريخ , ووسائل الإيضاح.



لا تعليقات على : "إعداد الدرس"

إرسال تعليق